الأربعاء، 30 يونيو 2021

 مساءً من وطن أفتقد الخير.... 
مساءً من وطن نسي ساكنوه الخير... 
أنا الآن أكتب و إلى السماء بحدقتين فقدتا مُعظم الألوان أنظرُ. 
أستمع موسيقى تركية تُصيبني بحالة إعياء شديد ! 
أسترقُ السّمع بأذنان قرفتا مُعظم الأغاني، 
جُل الأصوات ، و كل  الضحكات... 
نظرةٌ سوداء منطفئة..
زفرةٌ جديدة لدخان سيجارتي و بعد..

و إلى متى !!؟ 
كل مرة نفيق نغسل و جوهنا، 
لكن ذلك الماء لا يزيل أوجاعنا من رواسب السهر ولا يبعد مثقال ذرة من معانات الحرب،
لا يزيل مثقال ذرة من قلق ، 
ولم يعد يبعث مثقال ذرة من أمل لبدء يوم جديد عسى أن يكون أفضل من سابقه.. 
ربما نحن بحاجة ل استبدال تلك المياه ب ماء نار ...
في زمن الحرب، 
زمن القهر 
زمن الخيبات المتوالية  لم نعد نكترث لما يُقال عنا، 
او ربما نحاول عدم الاكتراث ، 
اثقلت الحياة كاهلنا 
و صفعاتها لم تتوقف ،
امنياتنا أنتهت، 
مُدننا دُمرت، 

أرواحنا فارقت الحياة، 
يا الله نحن مُنهكين ، مُتعبين جدا جدا .
وحتى الأقوياء منا اصبحو أجساد تمشي فقط..! 

بات الموت هو الملجأ الوحيد لنا؛ 
وبتنا قاب قوسين منه... 
فيما مضى كنت أخشى الموت ، ماعدت كذلك 
و ركضا أسعى إليه ...لكن....

في هذا الوطن ، أن كان وطن 
إقصى أمانينا  موتة محترمة تليق بنا ، 
اقصد أن لا نموت بـ صاروخ يهدم بيوتنا على رؤسنا 
ولا أن تُصيبنا رصاصة طائشة،! 
لم يعد شي يوحي بالحياة..، 
كل شيئ هنا مختلف عن ذاته، 
الألقاب كلها مزورة، اولها الوطن، واخرها الإنسان.!
عفوا.... 
أن كان ثمة شي يوحي بأننا أحياء، ً" 
فهو دخان سجائرنا والكلام المبصوق من أفواهنا.!

الثلاثاء، 23 مارس 2021

 مضى الكثير،

قرون ونحن نتقاتل،

يرقصون في الهند الفقيرة المكتظة ونحن نتقاتل،

يولم الخليجيون على موائد اللحم والكبسة وقنوات غنوة وروتانا، ونحن نتقاتل،

ولقد حظي كل البشر بفواصل ووقت مستقطع يلتقطون أنفاسهم ونحن نتقاتل،

ارفع قبضتي في ظلمات القرية المهجورة نحو السماء وأصرخ : الهي لماذا تخليت عنا ؟ 

قتلت الحرب أجمل فينا، قتلت جيل كان يحلم بشهادة جامعية يعلقها على جدار غرفته، الجيل الذي كان يطوي  المسافات ليصل الى مدرسته البعيده، ليعود في الظهيرة مثقلاً بالتعب اللذيذ،وهو يحدث نفسه،لا بأس غداً سأكون دكتور يملئ صيته الدنيا، 

يتأخر أحدهم في الوادي الخالي من رعاة الأغنام،كي يتسلل خلسة لسرقة القليل من اغصان القات تساعده على حفظ دروسه، يصل الى البيت منكهاً والعرق يتصبب من جبينة، ضريبة النجاح باهضة على أي حال، يبحث عما يسد به جوعه في بلادً أكلها الجوع والفقر، 

هؤلاء الفتيان الذين أحببناهم على قلة خبرتهم بالحياة، عرفناهم بتسريحات شعر أنيقة،وابتسامة غجرية وشقاوة الشباب، 

ذهب غالبيتهم ضحية التحريض المنفلت للمؤدلجين سياسياً والمتطرفين عقائدياً، وتحت يافطات وشعارات عدمية،حشدوا فتيان في ريعان الشباب الى جبهات الموت، الموت الذي لا يراعي طراوة عودهم وصغر سنهم،وقلة خبرتهم بالحرب، وكل ما في جعبتهم كلمات عن الغزاة الكفرة الأتون من حدود المريخ وعوالم ماخلف بلادنا، 


تهاد الشباب الى الحرب جماعات وفرادى،ومضوا في دروب الموت دفاعاً عن الوهم، والوهم قاتل لا يعرف له صاحب، وفي غمار حرب ضروس لا ترحم،وجدوا أنفسهم حاملين بندقية الحرب بأيدي ترتجف رهبةً ورعب، 

مزق صوت الرصاص سكون قريته الجميله في مخيلته، يحاول جاهداً الاحتماء بكتف صديقه من دوي القذائف، خانتة ركبتاه وهما ترتعدان خوفاً،

لقد كان ينام الليل على فراش امه دون خوف، واليوم تحدق المخاطر من كل جانب، وهناك خلف صحاري الحدود تمضي السويعات مثل دهر، تزحف المخاوف الية من كل حدب، الاجواء المفعمة بالدخان،اصوات المعارك التي تنتهي،والطائرات التي تحوم في الاجواء تبحث عن فريسة على الارض،


 يسقط صديقه صريعاً مضرجاً بدمه، يفر الجميع هلعاً، ويحاول هو جاهداً حمل رفيقه الذي ينازع ليبقى على قيد الحياه، 

يقول رفيقه العجوز في الجبهة (مافيش حد يرجع يراجم  بيت أمه الا أحنا)، ياعيالي هذي مش حربنا، قوموا نروح،والله لو نروح نشحت في بلادنا  أشرف من أقاتل أبن بلادي دفاعاً عن بلادً ما جانا منها الا البلاء والمصايب، 

ذهبوا جماعات طمعاً بفتات البترول،فعادوا فرادى يندبون رفقاهم الذين قضوا تحت رمال الحدود،

أنا  المصلوب بالدم وعذابات اهل بلادي،

كأنني كل ام تتشمم كوت ابنها المثقوب بالرصاص الملطخ بالدم وغيلة الفجائع،

كأنني كل أرملة تتوسد بقية الليل مذعورة من صباح يحملون رجلها جثة،

كأنني الجثث..

وموت المخذولين قليلي الحيلة،

أنا معاش الجندي وحشرجاته وانا احتضار المقاتل ملقى في الشعاب وهو يردد : اشتي أمي، 

أنا الأمهات والأيتام وانا المقابر والنهايات ، وأنا الليلة ليلة كل امرأة ذبحوا كل ما لديها في هذا الوجود .

على ايش ؟ لأجل ماذا ؟ لأجل ان ينعم الدب الداشر بالأمان، لأجل أن تنعم جارة السوء بالرفاهية والأستقرار،وهي التي ما أدخرت وسيلة لأفقارنا الا وجربتها، 


خمسون عاما ونحن نتضور جوعا بالقرب من اكبر مخزون نفطي في العالم، يقبع الجندي السعودي السمين داخل مدرعته  في خلفية الجبهة لنقاتل نحن بدلا عنه،

نتلفت في حواجز التفتيش في انتظار إهانة ونتلمس في بلادنا رصاصة لا يدري أحدنا وهو يلتفت من أطلقها في الظهر وماالحد بين ملامح أخيك وسحنة الغريب،

أيها الماكث في الأعالي ، هل تجليت الآن في الثلث الأخير من الليل ؟ 

إن كنت تسمعني الآن فتنزل، ها أنا ماكث أنتظرك عند قبر مولانا الحجازي،والقرية التي يسودها الصمت أمام عيني،ولا أحد هنا سوى صرير الريح في ليالي الصيف المطيرة ، أصدقائي الراحلين في غياهب الزمن الملعون المتجرد من القيم، 

ها انا على العهد يا مولانا، لم ابع الأرض للغرباء، مازلت وفياً  لطينتها، ،معلقا كمسبحة في يديك فوق هضابها النائمة على سفح لا يعرف النعاس، 

انا متعب يا مولانا، متعب من كل هذا النفاق المغلف بالدين والتدين المزور،اللحي المتلونة كالحرباء، الوطتية الجوفاء الخارجة من بلاط رعاة الشاة، مازلت طازجاً كما عهدتني، لم ينل مني الريال المدنس بدم الابرياء،

امنحنا بعضا من رحمتك 

نحن اليمنيين وقد شبعنا موتا ومذلات .

كل الدول كانت دويلات تقاتلت مرة واحدة وانتهت لإتفاق دولة 

ونحن دويلات عبر القرون نتقاتل ولم نتفق إلا على دورة قتال جديدة وكان قتل بعضنا هو مهنتنا الوحيدة ، نحن الشعب الذي اتخذته تجربة لا تتوقف لعجز البشر وافتقارهم للعقل والمنطق،

تعبنا ، كيف نخبرك أننا تعبنا ؟ 

الم تقل انك تعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور ؟ صدورنا لم تعد تخفي كل هذا الفزع والنواح وهجعة المغدور 

لقد تعبنا ، تعبنا حقا ، في عالم لم يعد يرانا غير موضوع استثمار وجشع، وحين فكرنا بالحرية،اجمعوا علينا العالم ليحاربنا،

نحن ذلك المولود لجارية فاجأها الطلق وحيدة في العراء وهي تصرخ : يالهي كن إلى جواري لوهلة ، كن إلى جوارنا قليلا ، نحن الذين نولد كالذباب ونموت كالذباب .