على ناصيه دارها القديم ، تجلس شارده وقلبها مفعم بحنين للغائب الذى رحل يوماً ولم يعد ،قيل أنه ذهب الى ما وراء البحر وهناك أختطفته جنيه ،كذا تقول نساء القريه عن زوجها الذى غادرها للأغتراب ومن يومها لم يــُعرف عنه شئ ،
قبل عشرين عاماً وذات صباحٍ ماطر ، غادر قاسم قريته النائيه بحثاً عن لقمه العيش التى ضاقت بسبب الجفاف وأنقطاع المطر ،ترك خلفه أم وأبنها الوحيد الذى لم يبلغ بعد عامه الثالث ،
كبر الأبن (عبده) وأرتسمت على وجهه علامات الفتوه والشباب ، وقرر فى غمره الهجره أن يواصل ذات الطريق الذى نهجه أباه ذات يوم ،
يــُصرعلى أمه بضروره الهجره ، لتحسين معاشهم ، كأن كمن ينتزع روحها من بين جنبيها لحظه سماعها لخبر رغبته بالهجره ،
يا بنى ذهب أباك ولم يعد ، وأخشى ان تذهب أنت فلا تعود، لكنه ألح عليها ، ولم يكن بيدها سوى القبول على مضمض ،عله يأتى بما لم يأتى به أباه ،
تبيع ما لديها من مجوهرات هى كل ما تملكها ، لقاء تكاليف السفر،
تمضى الأيام ولا خبر ياتى عن الراحل الجديد ، يجتاحها الحنين لأبنها " اخر أمل فى الحياه ،
تسوق بقرتها نحو الوادى الخصيب " وهى تدندن بشوق ،
وأنى فدى عبده وين ما يكون كان
يكون بمقهايه وإلا بدكان ،
فيرد أطفال القريه من خلفها ،
وإلا بمخماره شامخه الأركان "
مخماره اماتيكم يا عيال الكلبه "
يغازلها شايب ظريف طاعن فى السن "
ليش الحلا يزعل
ماله على اصحابه
لا يوم يتعقل
يسأل على أحبابه ،
ترد عليه بقسوه قلب محروق
علي ابوك لعنه الله يا شيبه يا ساقط ،
وتمضى فى طريقها ،وتحت ظل شجره تنهمر دموعها كالسيل المدرار،وفى قلبها جحيم من الحنين ، أيعقل أن تفقد ولدها كما فقدت أباه من قبل ، تندب حظها العاثر ،